رغم الألم والغضب الذي أفاضه في نفسي جريمة التفجير الإنتحاري في كنيسة مار الياس الأرثوذكسية في دمشق، وهي على ما أذكر الإعتداء الأول على كنيسة دمشقية منذ العام ١٨٦٠، إلا أن جملة الظرف السوري والسياسات والوقائع لم توفرني في الصبيحة اللاحقة لهذه الجريمة المريعة من الإختبار العملي، لا بل حتى معايشة أحد أفضل وأهم وأبلغ ما كتبت، وهي مقولتي المأثورة الرائعة:
الشبيحة أحقر من في الدنيا، وأقذر بني البشر.
حيث أثناء عودتي إلى المنزل من صلاة الجناز على أرواح شهداء الكنيسة من كنيسة مار الياس الأرثوذكسية بحلب، صادفني مخبر الأمن السياسي بمنطقتي والذي لا زال بوظيفته الحكومية زائد موقعه الأمني على الأرض وهو براكة القهوة على الرصيف، فقام بالغناء ناظرا نحوي فور مشاهدتي، وهو العارف بأني مسيحي أرثوذكسي ثوري عاشق لثورة الكرامة بالطبع. أما قائد شبيحة المنطقة سابقا الذي أراد أن يصبح من حماتها حاليا، فسأتجاوز الحديث عنه الآن.
في هذه المناسبة وفي ظل هذا الحدث، لن أتحدث عن سياسة السلطة الحاكمة بهذا الخصوص لئلا أزيد الألم ألما. وهو بطبيعة الحال حديث طويل وذو شجون حالكة. لكن أريد فقط الإشارة إلى: "جماعة المسامحة" من أي طرف أو جهة أو إنتماء كانوا. ولن أقول عن أية مسامحة تتحدثون؟ ولن أذكرهم بالكرامة لعلمي بأنهم لم يختبروها بعد. ولن أسألهم عن الشرف ليقيني بعدم إمتلاكهم إياه.
فقط سأقول شيئا واحد ناصحا لهم: أنصحكم بأن تآثروا الصمت، لأنه يمكن أن يكون يوما ما أسلم لكم.
لا بديل عن المحاسبة. وهذا وعد الأحرار.
أما بالعودة إلى السلطة في سوريا، فأنا أعلم أنهم يعلمون بأن للصبر حدود. والله أعلم الجميع.